جاري تحميل ... الأهرام نيوز

رئيس التحرير: محمد عبدالعظيم عليوة

مدير التحرير: د.مجدي مرعي

رئيس التحرير التنفيذي: عبدالحليم محمد

نائب رئيس التحرير: د.الحسن العزاوي

أخبار عاجلة

إعلان في أعلي التدوينة

مقالات

المستشار سامح عبد الله يكتب ثم ساد الصمت

هناك .. عند الجانب الآخر من العالم!


#فنجان_قهوة 


كان المركب المطاطى يتهاوى وهو على وشك الوصول إلى ساحل المدينة التى بدت أنوارها الخافتة على بعد ثلاثة أميال. الموت كان مختبئًا فى صدور هؤلاء الذين شاءت لهم الأقدار أن يروا هذا الضوء وأن يعيشوا انتظار مصائرهم
المجهولة.
كان هناك رجل يجلس القرفصاء بعدما ودع زوجته وآخر فقد طفله وهناك كانت إمرأة تحمل رضيعًا يتضوع جوعًا بعدما تجمد لبن ثديها وأما باقى الحضور فقد تحولوا إلى شبه أشباح لا حضور فيهم غير ملامح التلاشى وبينما الأمر كذلك صاح رجل أظنه متعهد النقل قائلًا: أيها الناس استعدوا إلى المغادرة ها هى سفينة الإنقاذ تنتظركم لكن احذروا فهناك فيروس قاتل ظهر فى هذه المدينة.
عندذاك صاح فى وجهه شيخ لا أدرى كيف فر من الموت يقول له: يا هذا أبلغ كلامك للأحياء نحن بالكاد على قيد الحياة.
ثم ساد الصمت!


هناك فى تلك القرية من إفريقيا مشهد عجيب.

أطفال لا تعرف لهم ملامح سوى تلك العظام التى برزت من تحت جلودهم لأنها آخر ما بقيت لهم.
وكان هناك رجل أنيق الملبس غربى الهيئة يرتدى ثيابًا أظنها رسمية إذ كان يميزها شعارًا يرمز إلى الطعام.
كان الرجل يوزع أطباق من عجين الخبز المسوَّى وبينما الأطفال لهثى هكذا نحو رحيق الخبز فقد خاطبهم بالقول: أيها الناس يجب أن تأخذوا حذركم فقد هاجم العالم فيروس فتاك.
عندذاك صاحت أم فى مؤخرة الجمع وقالت: يا هذا لم أأخذ نصيب رضيعى من عجين الخبز. وأما عن الفيروس فاذهب وألقى بتحذيرك عند معشر الأحياء فلسنا أكثر من أننا على قيد الحياة.
ثم ساد الصمت!

بالقرب من هذه القرية عشيرة من الناس تتلهف قطرة مياه.
كان الرجل فيها يسير خمسة أميال من أجل الحصول على قربة ماء وبينما هو كذلك أسدى له موظف أنيق الملبس بعض إرشادات عن أهمية تناول لترين من المياه النظيفة من أجل صحة الجسد.
ابتسم الرجل وهو يتأهب الرحيل حاملًا قربته فوق ظهره قائلا: يا هذا ادخر كلامك هذا للأحياء.
نحن فقط على قيد الحياة.
ثم ساد الصمت!

هنا فى مدينة تحمل حطام من حضارة هبطت مروحية وسط جمع من الصبيان.
كان شيئًا مهيبًا يجمع بين سمتهم هو هذا التشوه البارز فى ملامحم. لم يكن تشوهًا خلقى من الذى نعرفه وإلا فكيف يكون كل الجمع هكذا من المشوهين لقد كان تشوهًا يبدو فيه أنه صناعة يد واحدة هى ليست على أية حال يد الشيطان لكنها كانت اليد التى ألقت أربعة عشرة ألف طنًا من اليورانيوم فوق المدينة فشوهت الأجنة فى أرحام الأمهات.
أخذ الرجل يخطب فيهم بكلمات مثل سابقتها وعند ذاك برز له شيخ كان قد عاصر اختناق الأطفال فى مخبئ أرضى قائلا:
يا هذا اذهب بخِطابك بعيدًا إلى حيث الأحياء أما نحن فلسنا أكثر من أننا على قيد الحياة.
ثم ساد الصمت!

عند مدينة أخرى من مدن التاريخ تمدد الأطفال صفًا صامتًا رهيبًا فى تساوٍ غير معقول وغير مفهوم يتجهون بأجسادهم النورانية إلى قِبلة غير التى  نقيم صلواتنا عندها.
كان قد أُطلقت عليهم غازات كيماوية فأردتهم هكذا فى هذا الرباط ولا عجب فقد استنشقوا الموت معًا.
فى تلك الأثناء كانت طفلة تُدعى سما تختبئ بصدر أبيها ..تحتمى بآخر حصون الحياة.
البناية المقابلة قد هدمها صاروخ وقد خرت ساجدة وليس معنى أن الموت قد توقف لحظة أنه ليس بآتٍ.
وبينما الأب والطفلة كل منهما يختبئ فى الآخر إذا بصوت المذياع يلقى بيانا يحذر فيه الناس من الخروج من المنزل فلقد ظهر فيروس كورونا.
لحظات صامتة ليست أكثر بدت على ملامحمها ثم انطلقت الضحكات فجأة من كلاهما دون موعد ودون إشارة بدء مثلما يحدث من قائد الأوركسترا..
المذياع يصيح بالنداء:
ابقوا بالبيت..لقد ظهر الكورونا...ابقوا بالبيت..لقد ظهر الكورونا
بيننا تتصاعد ضحكات الأب وطفلته مثلما تصاعدت الموسيقى فى مقطوعة بيتهوفن الحرب..احمر وجهيهما من الضحكات..
انتعش قلب كل منهما وعادت دمائهما تجرى بالشرايين جريها الأسطورى حتى أضحت وكأنها من جداول الجنة..
المذياع يصيح..ابقوا فى بيوتكم لقد ظهر الكورونا والضحكات تتصاعد حتى أنها لم تطغ فقط على صوت المذياع بل طغت فوق صوت الموت.
ثم ساد الصمت!
الوسوم:

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلان في أسفل التدوينة

إتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *